لقد حثنا الإسلام علي عمارة المساجد، ولقد وضح لنا القرآن الكريم " أن المساجد لله " وإن من فضل الله عز وجل على العبد المسلم أن يكون قلبه معلقا بالمساجد، يسارع إليها كل فريضة بمجرد ارتفاع صوت المؤذن مناديا حي على الصلاة حي على الفلاح، وكم جميل أن تستمر صلة العبد بربه سبحانه وتعالى، حتى في غير وقت الفريضة، حينما يجتزئ المحب لمولاه من وقته المزدحم بشؤون الحياة ومشاغلها، ولو جزءا يسيرا يقف فيه بين يدي مولاه العظيم، وخالقه الكريم، طاهرا متطهرا، ليؤدي صلاة هي من أعظم الصلاة النافلة، ألا وهي صلاة الضحى، مبتغيا بذلك الأجر والثواب من الكريم الوهاب، ولأن لصلاة الضحى زمنا محددا يكون الناس فيه مشغولين بأعمالهم، إلا أن هناك من يوفقه الله عز وجل.
وييسر له اغتنام بعض الشيء من وقته لتأدية صلاة الضحى، وذلك تقربا إلى الله عز وجل ، وطمعا في ثوابه، وليكون بذلك واحدا من الموفقين الذين يحرصون، على إحياء شعيرة من شعائر الدين، ويواظب على سنة من سنن المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم، والتي ورد في فضلها أحاديث عظيمة، فعن أبي الدرداء وأبي ذر الغفارى رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الله تبارك وتعالى، أنه قال فى الحديث القدسى "ابن آدم، اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" رواه الترمذي، وتعرف صلاة الضحى اصطلاحا بأنها الصلاة التي تؤدى فيما بين ارتفاع الشمس إلى زوالها، ويقصد بزوال الشمس، أي ميلها عن وسط السماء نحو الغرب، وأما معنى الصلاة والضحى في اللغة.
فهو الصلاة وهوالدعاء وهي عبادة لله سبحانه وتعالى، وهى مكونه من أركان مخصوصة، وشروط محصورة، وأذكار معلومة، ومعنى الضحى، وهى فى اللغة، مفرده ضحوة، وهو انبساط الشمس وامتداد النهار، إلى أن يصفو ضوؤها، ويتبعه الضحاء، وهو ارتفاع الشمس إلى ربع السماء فما بعده، وصلاة الضحى، وتسمى أيضا صلاة الأوابين وهي صلاة تؤدى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، وقيل بعد مضي ربع النهار، وصلاة الضحى، هى أحد أنواع صلاة النفل وحكمها أنها سنة مؤكدة عند الجمهور، خلافا للقول بأنها مندوبة في مذهب أبي حنيفة، وأقلها ركعتان، وأوسطها أربع ركعات، وأفضلها ثمانى ركعات، وأكثرها اثنتا عشرة ركعة، وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم، عندما فتح مكة.
في بيت أم هاني بنت ابي طالب وعددها ثمان ركعات في تسليمة واحدة وظنها البعض أنها صلاة ضحى لأنها كانت وقت الضحى، وقال ابن القيم ثم دخل دار أم هانئ بنت أبي طالب فاغتسل وصلى ثمان ركعات فظنها من ظنها أنه صلاة الضحى وإنما هذه صلاة الفتح وكان أمراء الإسلام، إذا فتحوا حصنا أو بلدا صلوا عقيب الفتح هذه الصلاة اقتداء بالرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وفي القصة ما يدل على أنها بسبب الفتح شكرا لله عليه فإنها قالت مارأيته صلاها قبلها ولا بعدها، وقال ابن كثير في ذكر فتح المدائن، ثم تقدم ويعني سعد بن أبي وقاص إلى صدره، أي إيوان كسرى فصلى ثمان ركعات صلاة الفتح.